🌸 ليست كل الصعوبات تُرى بالعين، وليست كل معاناةٍ تُنطق بالكلام.
في بيوتٍ كثيرة من بيوتنا العربية والخليجية، تنمو فتيات ذكيات، طيبات، مطيعات، لكن بداخل عيونهن حيرة لا نفهمها، وصمت لا نعرف سببه…
وحين نتأمل عن قرب، قد نكتشف أنهن يحملن بصمت متلازمة أسبرجر — شكلٌ من أشكال اضطراب طيف التوحد، لا يُشبه غيره، ولا يُشبه صاحباته أحد.
🕊️ لماذا تختلف الصورة عند الفتيات؟
في عالم تسوده التوقعات الاجتماعية الصارمة، تُجيد الفتاة العربية المصابة بأسبرجر لعبة التكيّف.
تبتسم حين لا تفهم، تردّ حين لا تشعر، وتقلّد حين لا تعرف ماذا تفعل.
وقد تمرّ سنوات وهي تحمل عبءًا ثقيلًا من التظاهر بأنها “طبيعية”، حتى أمام أقرب الناس إليها.
❝ بنتي هادئة جدًا… ما تطلب شيء، دايم ساكتة، بس أحس بشي مو واضح فيها… ❞
جملة نسمعها كثيرًا من أمهات لم يعرفن أن خلف هذا الهدوء، طفلة تحاول بكل طاقتها أن تفهم هذا العالم.
🌷 أهم العلامات التي تستحق الانتباه:
1. 💬 عالم خاص بها فقط
إذا لاحظت أن ابنتك تعشق موضوعًا محددًا لدرجة “الهوس” — مثل أسماء الخيول، شخصيات أنمي، الفضاء، النباتات النادرة — وتتحدث عنه مرارًا دون ملل…
فهذه ليست مجرد هواية، بل نقطة أمانها في عالم معقّد لا تفهمه بسهولة.
2. 🧍♀️ تشعر بالغربة وسط الآخرين
قد تكون في المدرسة، محاطة بالفتيات، لكنها لا تنتمي. تضحك أحيانًا فقط لأن الأخريات يضحكن، ولا تفهم لماذا. تعود إلى البيت مرهقة من “التمثيل”، وتتساءل سرًا: لماذا لا أكون مثلهن؟
3. 🎭 بارعة في تقمّص الأدوار
ستندهش كيف تُجيد بعض الفتيات المصابات تقليد صديقاتهن أو المعلمات…
لكن ليس حبًا في التمثيل، بل بحثًا عن خارطة لفهم العلاقات.
4. 😶🌫️ كل شيء يُربكها… لكنها لا تقول
الضوء القوي في الفصل، صوت المكيف، قماش الثوب… أشياء صغيرة تربكها، لكنها تتحملها بصمت. لأنها تعلّمت أن “البنات ما يشتكون”، و”كوني مؤدبة”.
5. 📚 تفوق أكاديمي… وعزلة نفسية
ربما تسمع من معلمتها: “ما شاء الله، ذكية جدًا، بس ما تشارك كثير، أو تحب تلعب مع البنات”.
وربما تعتبرها الأسرة فخرًا في الدراسة… دون أن يلاحظوا أنها تتألم وحيدة.
💡 متى يجب أن نقلق؟
- إذا كانت ابنتك تعاني من التواصل البصري، وتتفادى الحديث المباشر.
- إذا بدت غامضة المزاج، عصبية دون سبب واضح.
- إذا كانت لديها حساسية مفرطة من الملابس أو الروائح.
- إذا بدت فاقدة للثقة بنفسها رغم ذكائها.
هذا لا يعني أنها مصابة بأسبرجر، لكن يعني: أنها تحتاج إلى قلب منتبه.
💌 رسالة إلى كل أم وأب:
🔹 لا تظن أن الهدوء يعني السكينة.
🔹 لا تعتقد أن عدم الشكوى دليل الرضا.
🔹 الفتاة المصابة بأسبرجر قد لا تبكي، لكنها تصرخ من الداخل بصمت.
ساعدها بأن تحب نفسها كما هي، لا كما يتوقع الآخرون.
احتوِها… لا تغيّرها.
تقبّل اختلافها… لا تُخضعه للقواعد.
واحتفل بأدق خطواتها… لأن كل تقدم صغير بالنسبة لها هو جبل من الإنجاز.
🧠 تشخيص دقيق… وليس وسماً
في الخليج، لا يزال تشخيص أسبرجر عند البنات يُخطئ كثيرًا.
فهي لا تُظهر “السلوكيات الصاخبة” المعتادة، ما يجعل المعلمات والأطباء أحيانًا يصفونها بالخجولة، أو يعتبرونها طبيعية تمامًا.
لكن الحقيقة أن التشخيص المبكر قد يُنقذ مستقبلها… ويمنحها راحةً كانت تبحث عنها لسنوات.
🏥 ابحث عن أخصائي نفسي أو عيادة نمو وتطور الطفل.
👩⚕️ لا تخف من كلمة “تشخيص” — بل هي بوابة لفهمٍ أعمق.
🧠 البنات لا يقلن دائمًا ما يشعرن به… لكنهن يشعرن بكل شيء
إذا كنتِ أماً، وشعرتِ بشيء “مختلف” في طفلتك، فثقي بذلك الشعور.
افتحي لها قلبك، لا ملف التحقيق.
اسأليها:
– ما الذي يزعجك؟
– ماذا تحبين؟
– ما الذي تتمنينه لو كنتِ في عالمك الخاص؟
ولا تنتظري أن تعبر بالكلمات… راقبي لغة جسدها، عيونها، انسحابها.
🌈 نصيحة أخيرة من القلب:
ابنتك ليست مريضة،
وليست غريبة،
وليست معطوبة…
هي فقط تفكر بطريقة مختلفة، وتشعر بعمق، وتحتاج إلى حضن لا يُحاسبها على ذلك.
امنحها الحب، والأمان، والفرصة لتكون هي… فقط هي.