كيف تتعامل مع الطفل الذي يضرب رأسه بالحائط بسبب فرط الحركة؟

حين لا يكون الألم عدوانًا… بل لغة استغاثة صامتة

في إحدى زوايا البيت، يقف طفل صغير، يضرب رأسه بالحائط مرارًا…
الأم تبكي، الأب يصرخ، الجدة تصرخ:

“اضربوه… هو عنيد!”
لكن الطفل لا يسمعهم…
هو فقط يريد أن يُفرغ شيئًا بداخله لا يعرف كيف يسميه،
شيئًا لا تقدر الكلمات على حمله، فيحمله جسده بدلًا عنها.


🌪️ ماذا يعني أن يضرب الطفل رأسه بالحائط؟

ليس عدوانًا.
ليس استعراضًا.
ليس تحديًا لك.

إنه – غالبًا – نداء استغاثة عصبي داخلي،
من طفل لا يملك مفاتيح فهم مشاعره،
ولا يعرف أن يقول: “أنا متعب… أنا مشوّش… أنا محتاج حضن مش عقاب”.


🧠 ما علاقة فرط الحركة بهذا السلوك المؤلم؟

فرط الحركة (ADHD) لا يعني فقط النشاط الزائد، بل يشمل أيضًا:

العرضالأثر
💥 الاندفاعيةالطفل يتصرف دون أن يفكر في النتيجة
🌪️ التشتت الحسييشعر بالأشياء بشكل مضخّم أو مزعج
🧱 صعوبة التنظيم العاطفيلا يعرف كيف يهدأ من تلقاء نفسه
🔊 حساسية الأصوات أو الأضواءقد يُثار داخليًا لحد الانفجار

وعندما لا يجد متنفسًا لكل هذا الضغط،
يأتي الجسد ليحمل الحمل:

فيضرب رأسه بالحائط أو بالأرض أو بالأثاث.


😞 ماذا قد يشعر الطفل في تلك اللحظة؟

  • توتر لا يُحتمل
  • طنين داخلي
  • رغبة في “إيقاف الدماغ”
  • ألم غير موضّح بالكلمات
  • خيبة لأنه لا يفهم ما به

❝ هو لا يريد أن يؤذي نفسه…
هو فقط لا يعرف طريقة أخرى ليهدأ. ❞


💔 كيف يشعر الأهل أمام هذا المشهد؟

  • خوف رهيب: “هل سيتأذى؟”
  • حزن داخلي: “هل أنا مقصر؟”
  • غضب مشوّش: “هل يتدلّع؟!”
  • خجل اجتماعي: “ماذا سيقول الناس؟”

لكن خلف كل هذا، يبقى سؤال واحد يصرخ:
“كيف أساعده دون أن أؤذيه؟”


🛑 ما لا يجب فعله إطلاقًا

❌ صراخ
❌ ضرب
❌ إمساك عنيف
❌ تجاهل السلوك أو التهديد
❌ وصفه بكلمات مثل “مجنون” أو “مريض نفسي”

كل هذه الأفعال تصبّ الوقود على نار لا تراها.


✅ ماذا تفعل؟ خطوة بخطوة

1. 🫂 كن حضنًا لا سجنًا

اقترب دون فزع،
اجلس على الأرض قربه،
قل له بهدوء:

“أنا هنا… ما راح أتركك… كل شي بيكون بخير.”
“أشوف إنك متضايق… تعال نهدأ سوا.”


2. 🧸 وفر بدائل حسية آمنة

أعطه ما يمكنه الضغط عليه أو لكمه:

  • كرة مطاطية قوية
  • وسادة للضرب
  • وسيلة للمضغ (chewy toy)
  • بطانية ثقيلة (لتهدئة الجسد)
  • مكان هادئ مع إضاءة خافتة

💡 أنت لا “تشجعه” على السلوك… بل تعطيه مخرجًا غير مؤذٍ.


3. 🧠 ابحث عن السبب الخفي

اسأل نفسك:

سؤالسبب محتمل
هل نام جيدًا؟قلة النوم تزيد التهيج
هل أكل؟الجوع يصنع نوبات
هل كان المكان مزعجًا؟الضوضاء تُفجّر الحس الحسي
هل انتُقد؟الشعور بالفشل يجعله يغلي داخليًا

إذا وجدت السبب، فقد قطعت نصف الطريق.


4. 🕯️ بعد أن يهدأ… تكلم

قل له:

“لما تحس إنك راح تنفجر… تقدر تمسك الكرة دي، أو تقول لي.”
“أنا أفهم إنك ما كنت تعرف كيف توقف نفسك… بس إحنا مع بعض نتعلم.”

✨ اجعله يثق أنك ستساعده على فهم نفسه، لا أن تفضحه أمام الناس.


🏫 في المدرسة… ماذا نفعل كمعلمين؟

  • لا توبّخه أمام زملائه
  • لا تتجاهله
  • خصص له “زاوية تهدئة”
  • تعاون مع الأهل وأخصائي السلوك
  • درّب الطفل على أدوات بديلة للتنظيم الذاتي

“الطفل لا يحتاج عقابًا… بل شخصًا يقول له: أنا أصدقك حتى حين لا تفهم نفسك.


💌 من القلب إلى قلبك كأب أو أم:

طفلك ليس عنيفًا.
ولا يحتاج “إصلاحًا”.

هو فقط يمشي في عالم لا يشبهه،
بجهاز عصبي مشتعل،
وبحواس تعمل فوق طاقته،
ويحتاجك أنت… لتكون له المرفأ حين تشتد العاصفة.

حين يضرب رأسه… لا يعلن غضبه منك.
بل يعلن حاجته إليك.


🕊️ في الختام:

في كل مرة تمسك بها يد طفلك برفق… بدلًا من شدّه،
وفي كل مرة تضمّه بدلًا من أن تصرخ عليه،
أنت لا تمنعه فقط من أذى…
بل تعلمه أن في هذا العالم زاوية آمنة يمكنه الرجوع إليها… وهي قلبك.

أضف تعليق